درعا 24 الواقع كما هو

من هي شبكة درعا 24؟

بدأتْ شبكة درعا 24 عملها الإعلاميّ في محافظة درعا منذ خمس سنوات، أيّ بعد تطبيق اتفاقية التسوية والمصالحة بأشهر قليلة فقط. هذه الاتفاقية التي غيرتْ المشهد في المحافظة بشكلٍ عامّ وعلى كافّة الصُّعد، بما فيها الجانب الإعلاميّ، حيث وجد الإعلاميون أنُفسهم في وضعٍ مختلفٍ كلّيّاً.

تتحدثُ الشّبكةُ اليوم مع أحد أفرادها؛ رئيس التّحرير فيها، ليُوضح مَنْ هي شبكة درعا 24 وكيف نشأتْ ومَن القائمين على تأسيسها، وما سبب استمرار عملها، ولماذا تعمل بشكلٍ سرّيّ، وكيف تتعامل مع الجهات المسيطرة في المحافظة، إضافةً إلى الحديث حول طريقة تحرير الخبرِ في الشبكة وأساليب التثبت منه قبل نشره.

س: من أين أتتْ فكرة تأسّيس شبكة درعا 24، ومن هم الأشخاص الّذين عملوا على تأسّيسها؟ 

ج: جاءتْ فكرة درعا 24 بعد أنْ غابتْ محافظة درعا عن المشهد الإعلاميّ عند إعلان السلطات السوريّة سيطرتها بشكلٍ كامل على المنطقة الجنوبيّة عبر اتفاقيّة التّسوية والمصالحة الّتي تمّتْ في الشهر السابع من العام 2018. ما بعد هذا التاريخ ليس كما قبله من جميع النواحي في المحافظة، ولا يخفى هذا علينا نحن أبناء المنطقة ولا على المتابع لهذه الأحداث.

 بالنسبة للناحية الإعلامية: لم يُعدْ الخطاب الإعلاميّ يُجدي نفعاً أصبح هناك حالةٌ يأسٍ لنا كإعلاميين، ماذا نقول وكيف نشرح الوضع عبر المواقع الإخباريّة، وكيف نُعيد ثقة النّاس بالصّحافة الّتي تعتبرُ مرآة المجتمع لدى كل الشّعوب. 

كانتْ فكرة تأسّيس الشبكة كخطوة لجعل الصّحافة أقرب للنّاس، ملّلنا من خطاب السّلّطة الّذي تُوقّع الأجهزة الأمنية على أكثر ما ينشره، وأقلّ ما يُقال عنه أنه مُراقب مُراقبة كلّيّة، ولم تعد النّاس سعيدة بالخطاب الآخر أيضاً الذي كان سائداً على مدار قرابة ثمانية سنوات، ونحن نعرف – لأننا كنّا جزءاً منه – مع أنّه خرّج إعلاميين تعرّضوا لكافّة الضغوط وفقد بعضهم حياته، وكان ينقل واقع المنطقة، وهذا الخطاب اتسم أحياناً بالمصداقية وأحيان أخرى بالتّبعيّة، ومرّات ربّما كثيرة بعدم الخبرة، إضافةً إلى أنّه يتمّ التّحكّم بالقائمين عليه، وبالتّالي في كثير من الأحيان فُقدتْ مصداقيته وتمّ وصمُه بأنّه خطاب مشكوكٌ فيه، بسبب تعدّد ولاءاته.

 جاءتْ الشبكة كخطاب يُحاكي واقع النّاس دون انحيازات ولا ولاءات، خطاب صحفي – نحن صحفيون فقط – ينقل المشهد، ويترك الرأي للمتابعين، ينتقد السلطة وجميع الجهات الموجودة دون استثناء في حال وقع أيّ خطأ. نعرف أنّ السمة الغالبة على الإعلام في كل العالم هي توجيهه لصالح جهات دون أخرى وأنّ نشوء إعلام مستقلّ وموضوعيّ يصعب تصديقه لدى البعض، خاصّةً أولئك الذين يخوّنون فوريّاً أيّ شيء يتحرّك، لكن نترك الحكم للمتابعين الّذين أعطونا ثقتهم منذ أكثر من خمس سنوات، ويؤكدون على أنّنا نقدّم لهم خدمة إعلاميّة فريدة، حيث نخاطبهم بكلّ صراحة ونقول لهم ما يحدث، ونحاول أنْ نكون موضوعيين قدر استطاعتنا.

إقرأ أيضاً: المحامي سليمان القرفان في لقاء خاص مع شبكة درعا 24

من هم الذين أسّسوا الشبكة؟ أغلب من جاءوا بالفكرة هم ممن عملوا في الصّحافة سابقاً أو ضمن منظّمات المجتمع المدني قبل 2018. جمعنا أنُفسنا بعددٍ قليلٍ جدّاً في البداية واتفقنا على التّرتيبات الأساسيّة، وهي تقريب الخطاب وإبعاده عن أيّ ولاءات أو انتماءات، ثمّ توسّع الفريق رويداً رويداً، وتمّ ضمّ آخرين من أبناء حوران داخل وخارج المنطقة الجنوبيّة، وتمّ الاتفاق بشكلٍ أساسيّ من البداية على أنّ جميع العاملين في الشبكة يجب قبل انضمامهم أنْ يوافقوا على شرط العمل في الظّلّ، أي أنْ لا يعرفهم أحد.

س: لا أحد يعرف القائمين على درعا 24، لا مؤسسين ولا مراسلين ولا أيّ عامل في الشبكة؟

رأينا أنّ هذه الفكرة كانتْ فريدة في المنطقة وربّما في سوريا – خلا بعض صفحات الفيس بوك الّتي تريد فقط أنْ تهاجم لا أنْ تُقدّم إعلاما – واخترنا أنْ لا نكشف عن أنفسنا، رغم أن هدف غالبية الصحفيين هو الشهرة غالباً، وهو حقّ كلّ صحفي أنْ ينسب عمله وجهده لنفسه، لكننا حاولنا – وما نزال نحاول – الخروج من الدوائر المرسّومة للصّحفيين وأنْ نكون مُختلفين، وأنْ نتحدثَ بحرّيّة في بلدٍ قُتلتْ فيه الحرّيّة قبل أنْ تولد.

لنفترض أنّ العاملين في درعا 24 أجروا اجتماعاً رسمياً غداً، وقالوا ها نحن هنا! ما الّذي سيحصل؟ سيتمّ اعتقال كثير منهم من قِبل الأجهزة الأمنية، إن نجوا منها سيتمّ اغتيالهم من قِبل بقايا تنظيم داعش أو قادة الفصائل المحلية أو أو ….  هذا أولاً، وثانياً: لنفترض أنّ بلدنا أصبحتْ بلد الحرّيّات ولن يتمّ التعرّض لأيّ منّا في حال كشفنا عن أنفسنا، فماذا عن خطابنا الّذي ناضلنا لنجعله بهذا الشكل، هل سينجو؟ ألنْ يتعرّض الفريق للضغوط الأمنية لتغييره أو تسيسه؟ وأن يتمّ إجبارنا على قول ما يتوافق مع هوى جهة بعينها دون غيرها، لذلك خيارنا في الوقت الحالي لن يكون إلا العمل بسرّيّة تامّة للحفاظ على أنفسنا ولنصون خطابنا الّذي لا نُحابي فيه أحداً.

س: يتم توجيه التهم شرقاً وغرباً ضد درعا 24 تارةً تُتهم بأنّ خطابها يتفقُ مع الأجهزة الأمنية وتارةً أُخرى مع الّلجان المركزيّة وثالثة مع الّلواء الثّامن، وبعدها مع داعش والفصائل المحليّة وروسيا وإيران والمخابرات الأردنيّة، لمن تتبع درعا 24 ومع أيّ جهة تقف وتساند؟

تتبع درعا 24 لنا نحن أنا وأنت، لأبناء وبنات هذه البقعة الجغرافية، صوتاً لنا، نقول فيه ما نرغب، وننتقد من نشاء، ونُسمّي الأشياء بمسمياتها، دون أنْ نلجأَ إلى إنشاء قصةٍ على ألسنة الحيوان لانتقاد السلّطات وأمراء الحرب، كما كان يحدث في غابر الأزمان. يُقال لنا مرّة 24 تنتقد هذه الجهة ومرّة تمدحها! نحن صحفيون لا نذم ولا نمدح نحن ننقل ما يحدث ونوضح وجهات النظر المختلفة، وإذا نفذتْ جهة معيّنة مبادرة معيّنة نتحدث عنها، دون تلميع ولا زخرفة، وإذا اقتحمتْ في اليوم التالي منزلاً أو اختطفتْ أو قتلتْ فلاناً نتحدث عن ذلك أيضاً، لكن هناك كثير من النّاس – للأسف – لا يقرؤون، ويطلقون أحكامهم من خلال قراءتهم لسطر أو سطرين فقط من المنشور.

لا نستطيع أحياناً تغطية كل الوضع وكل ما يحصل، ولن تفعل ذلك أي جهة يوماً، ولكن نفعل ما نستطيع ونزعم أنّنا نغطي الوضع بشكل واضح وجيد. وهذا التقييم يثبته الواقع خلال خمس سنوات لم يمرّ يوم واحد دون أنْ تكون درعا 24 حاضرة في كلّ حدث بل في كلّ يوم، فضلاً عن التقارير الطويلة المُعمّقة الّتي نعمل عليها. كذلك أحاديث النّاس في المجتمع وفي التعليقات والرسائل الإيجابية الّتي تصلنا، وأيضاً تقيمنا من أكثر من جهة إعلامية أخبرونا فيه، مؤكدين أنّ الكتابة بحرّية تندر هذه الأيام.

مقابلة مع رئيس تحرير درعا 24
من المقابلة مع رئيس تحرير شبكة درعا 24

س: كيف تتعامل شبكة درعا 24 مع سلطات الأمر الواقع المتعدّدة في درعا، هل هناك تواصل مع الّلجان المركزية أو الّلواء الثّامن أو أي جهات أخرى مُسيطرة في المنطقة؟ 

يحاول الفريق أن يقف دائماً موقفاً موضوعيّاً من كلّ الجهات المتعدّدة المُسيطرة، لن نقول أنّنا ننظر للجلّاد والضحية من زاوية واحدة، ولن نفعل ذلك مطلقاً، لكن نتحدث بموضوعيّة وواقعيّة.

تواصلنا مع الّلواء الثّامن مع القيادة العسكريّة فيه “علي الصباح المقداد، المعروف بـ علي باش” ولم يرد حتّى على الرسائل ثمّ مع العقيد “نسيم أبو عرّة” ولم يجبْ، وبعدها مع مسؤول إعلاميّ وقال أنّه سيحاول الحصول على إجابات، ولكنه طلب حذف بعض الأسئلة التي كانت تتعلق بتمويل الّلواء الثامن وتبعيته للأمن العسكري وطبيعة التعامل مع الضبّاط في هذا الفرع، وعن مناوبات الثامن العسكريّة في اللاذقية، ولم نكن نرغب في حذف هذه الأسئلة لكن قلنا له لا مشكلة، وبعد مماطلة طويلة واعتذارات، وسأتحدث مع كذا وأحاول الإجابات ومرّ أشهر والأسئلة ما تزال دون إجابات.

أمّا بالنسبة للجان المركزية شاهدنا تعليقات ووصلتنا عدّة رسائل بأن نتواصل معهم، وقيل لنا: هم أقرب من الممثّل جمال سليمان في مصر. هم ربّما لا يعرفون أصلاً أنّنا تواصلنا مع قيادة اللجان المركزية المُتمثّلة بـ “محمود البردان، أبو مرشد” غربي درعا، ووجهنا له بعض الأسئلة عبر تطبيق واتساب، وقال سأجيب بعد الصلاة، وذهب لأشهر، ثم تواصلنا معه لاحقاً، وتحدث بابتسامة وقال مازحاً أنّ درعا 24 تنتقد اللجان كثيراً، وبعثنا له أسئلة ووعد بأنّه سيجيب، وبعدها بأيّام بعثنا رسائل تذكير ووعد خيراً وآخر الرسائل لم يردّ عليها حتّى اليوم. وكلّ لقطات الشاشة لهذه الرسائل موجودة.

بالنهاية للحصول على معلومات حول هذه الجهات نعتمد على أبناء المناطق، نحن الموجودون بينهم، وعلى مصادرنا داخل هذه التشكيلات.

وبالنسبة للجهات الأخرى لا يخفى على أحد أنّه لا يمكن التواصل مع قادة في تنظيم داعش أو تنظيمات أخرى متشدّدة، ولا مع ضبّاط في السلّطة ولا مع مسؤولين كبار في المحافظة. أمّا فيما يتعلّق بالأمور الخدمية والشكاوى الّتي تصلنا نتواصل مع المسؤولين الخدميين المباشرين الّذين يتعاونون في أحيان كثيرة – وهم مشكورون على ذلك – وفي بعض الأحيان يتواصلون هم بأنفسهم، ويخبرونا بردودهم حول شكاوى المواطنين التي تصلنا وننشر حولها.

وهنا نحن كإعلاميين وكأبناء لهذه المنطقة نتساءل: إذا كان هؤلاء الذين يصفون أنفسهم أنهم قادة ويتحدثون بشكل أو بآخر باسم الناس ويعملون لصالحهم، ولا يكلّفون أنفسهم عناء الإجابة على أسئلة لجهة إعلامية على الرغم من الإلحاح الشديد منّا، فكيف يمكن تصديق أنّهم جاهزون لسماع الجميع وحلّ مشاكلهم!

س: كيف يسير الخطّ التحريريّ لشبكة درعا 24، وما هي المعايير الّتي يتمّ العمل عليها للنشر وكتابة الخبر، وكيف يتمّ صياغته، وماذا عن المصطلحات المستخدمة؟ 

هناك سياسة تحريريّة في الشبكة، ونحن نعي أنّنا نعمل في منطقة نزاع وتوتر، وبالتالي نراعي خصوصيّة العمل في هذه المنطقة، مع محاولتنا الالتزام بمواثيق وأدبيات العمل الصحفيّ من الصدق والموضوعية، وكذلك نعتمد على ثقة جمهورنا بالدّقة الّتي نعمل بها، وقبل النشر نتأكد من المراسل أو المراسلين في المنطقة ومن المصادر التي نعتمد عليها هناك، ولا نعتمد على مصدر غير موثوق ومُجرّب بمجرد أنّه أرسل لنا معلومات، بل نتحقق منها من مصادر أخرى.

 ثمّ في مرحلة تحرير الخبر نعتمد على المصطلحات التي تصف الواقعة فهذه الجهة هي تتبع لكذا وتلك لكذا، وهذا ليس فقط فصيل مسلح بل هو محلي والعاملين فيه هم أبناء المنطقة، وهذا هو مواطن (وكلمة مواطن هي للجميع فهي تعني من يعيش على هذه الأرض)، وإلى ما هنالك من الأمور التحريرية وصولاً إلى مراجعة الخبر من شخصين على الأقل قبل إرساله للنشر، ونراعي بذلك أيضاً السرعة، لأنّنا بالنهاية إذا كنا نتحدث عن خبر فيجب أن يخرج بعد وقوعه بوقت قصير، لا في اليوم التالي، لكننا نحاول إعطاء الوقت الكافي ولا نهتم بالسبق الصحفي السريع.

أما إذا نشرنا خبراً وظهر عكسه فنحن نتبع سياسة، وهي التوضيح لا الاكتفاء بالحذف أو التعديل، ونقوم بالتصحيح في منشور آخر والاعتذار من المتابعين إذا دعا الأمر لهذا

أما بالنسبة للتقارير المطوّلة غير الخبرية، كالتقرير الأسبوعي والتقرير الشهري لتوثيق الانتهاكات وأبرز الأحداث، والتقارير الأمنية والحياة العامة والقضايا الاجتماعية والثقافية والتراثية وتلك التي تتعلّق بالتعليم والتربية والمرأة والطفل وإلى ما هنالك، فهذا النوع يخضع لعمليات تحريرية تدقيقيّة تناسبها وتناسب حجمها قبل نشرها.

ونشترط أن يكون للقصص الموضوعية مصدرين مستقلين على الأقل. ولا نبالغ في تحديد المصادر، مصدر واحد هو «مصدر» وليس «مصادر». وبالمثل، فإن الدراسة أو التقرير المنفرد هو «دراسة» أو «تقرير»، وليس «دراسات» أو «تقارير». ونظراً لما قد يترتب على مصدر المعلومة من أذىً بسبب السياق الذي نعمل به، فإنّنا نلتزم بحماية المصادر السريّة للمعلومات.

س: ماذا عن الزميل “محمود الحربي” الّذي فقد حياته أثناء عمله ضمن فريق درعا 24، كيف انضمّ للشبكة وكيف كان العمل معه، وإلى أين تتجه قضية التحقيق في اغتياله؟

عند فقدان محمود فقدنا أحد أعمدة الفريق، وكان الحزن في الشبكة ككلّ عميق جداً، وتوقفتْ عمليات النشر لثلاثة أيام. وكانت المتابعة صعبة بدون محمود الإنسان والأب الحنون – له خمسة أطفال – هو قريب منّا في كلّ خطوة نخطوها خلال عملنا. وكان من بدايات تأسيس الشبكة، وشارك في أغلبية الأنشطة.

 فقدان أبو سيف كان جرحاً عميقاً، وغياب العدالة في قضيته على الرغم من معرفة الجهة القاتلة، وسجن أحدهم لدى اللجان المركزية، ليقال لاحقاً بأنّه هرب! نقول لهم: إنْ كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. لم يتمّ محاسبة حتى المسؤولين عن السجن، ممّا يجعلنا نضع عشرات إشارات الاستفهام، فضلاً عن اتهام شقيق محمود الّلجان صراحةً بالتواطؤ لهروبه.

نحن كجهة إعلامية لسنا ضد إيجاد محكمة أو لجنة تحكم وتفصل بما يحدث في درعا، ولكن على الّلجنة – على الأقلّ – أن تضمّ قضاة ومحامين، وليس وجهاء أو قادة فصائل سابقين فقط!.

إقرأ أيضاً: الكابتن “وليد أبو السل” في لقاء خاصّ مع شبكة درعا 24: “كرة القدم وصلتْ اليوم إلى الحضيض”

س: كيف هو المناخ الإعلامي في محافظة درعا، وماذا عن عشرات بل ربّما مئات الصفحات على فيس بوك التي تقوم بالنسخ واللصق؟

لا شكّ أنّ هناك تلوث في المناخ الإعلامي، فالجهات الّتي تتبع للسلطة بشكل رسمي أو شبه رسمي، هي تعمل على تلميع صورة السلطات والتمجيد، في حين هناك صفحات محسوبة على تنظيم داعش وأخرى جبهة نصرة وصفحات لحزب التحرير وصفحات تتبع للجان المركزية واللواء الثامن. وهناك صفحات أخرى لا تتحقق من أخبارها في الغالب، وتنشر بشكل متقطّع، وبعد غياب تنشر كل الأخبار مرة واحدة، ومعظم أخبارها من مجموعات الواتساب المنتشرة بشكل كبير.

وسط هذا المشهد تحاول درعا 24 رسم طريقها، وعدم التسرّع والسعي للسبق الصحفي، وإنّما التمهل والاعتماد على أكثر من مصدر قبل نشر الخبر، ولا يعني نشر خبر على عشرات الصفحات صحته بالضرورة، هناك عشرات الأخبار التي لم ننشرها وانتشرت على الكثير من الصفحات ثم حذفوها بعد ثبوت عدم صحتها. 

سعينا منذ البداية على العمل على تغيّير الخطاب الإعلامي في محافظة درعا، في ظل انتشار خطاب الكراهية، سواء ضد أبناء المحافظة الواحدة أو ضد المحافظات الأُخرى عامّة والسويداء خاصّة، بالإضافة لانتشار التعابير التي لا تمتّ للصحافة بصلة، والمتابع للإعلام في المحافظة يلاحظ بكل وضوح التغيير في لغة الخطاب لدى الكثير من هذه الصفحات، حيث خطاب بعضها تغيّر بعد بدء عملنا وانتشارنا، وخطابهم قبل ذلك كان يختلف كليّاً وصياغتهم للخبر مؤخراً أصبحت مختلفة، بالطبع ليس المقصود هنا صفحات داعش والنصرة والسلطة، فهذه خطابها لا يتغير.

على سبيل المثال وفيما يخص طريقة النشر، كانت هذه الصفحات الإعلامية تُقسّم القتلى بين شهيد وقتيل؛ “من مبدأ شهداؤنا في الجنة وقتلاكم في النار”، بالإضافة لانتشار الكلمات والعناوين التي لا علاقة لها بالصحافة، وهي تندرج تحت مسمّى “صحافة صفراء“، وهي منتشرة للأسف وبكثرة، وأود هنا ذكر حادثة، وهي الفيديو المصوّر بكاميرا مراقبة والذي يُظهر بوضوح مقتل الزميل محمود الحربي، للأسف قامتْ بعض الصفحات والتي تدّعي المهنيّة بنشر الفيديو، وهو لا يراعي أدنى المعايير الأخلاقية.

أمّا فيما يخصّ عدم المهنيّة في طريقة نقل الأخبار أو نشرها، وهنا نقصد عمليات النسخ واللصق، ونتبع طريقة لردع بعض عمليات سرقة جهدنا وعملنا، وذلك من خلال التبليغ لإدارة فيس بوك عن التقارير والأخبار والمواد الّتي يتمّ سرقتها، حيث تنسخ بعض الصفحات الخبر أو التقرير كما هو، وتحذف أي كلمة تدل على الشبكة، وتستبدلها أحياناً بأسماء الصفحة الناقلة، – على سبيل المثال لا الحصر هناك صفحات تقول أن الخبر من صفحة كذا وشبكة كذا، إذا كانت من خارج المحافظة ليُوهموا المتابع الجديد بأنهم مهنيون، ولكن تنسب ذات الصفحات الخبر المسروق من درعا 24 لنفسها – وقد نجحنا في التعاون مع فيس بوك في حذف بعض الصفحات وعشرات الأخبار والتقارير المسروقة. 

س: هناك تعليقات إيجابية على الصفحة وهناك سلبية، كيف تتعامل الشبكة مع هذا الأمر؟

نتابع جميع التعليقات بشكل مباشر – قدر استطاعتنا – السيء والجيد منها، وهناك تعليقات سلبية كثيرة لأنّنا كمجتمع حوراني وسوري بشكل عام، أصبح التشكيك كبيراً لدينا، باختصار لأنّه تمّ خذلاننا كثيراً، ورأينا سابقاً تغطية حدث على حساب آخر، ورأينا “تمسيح جوخ” بكثرة. وبالتالي وجود تعليقات سلبيّة وإيجابيّة هو أمر واقعي في كلّ مكان، وفي سوريا، متعددة الثقافات بشكل خاصّ، ولكن الأمر المرفوض هو استهداف الناس في أعراضها، والخروج عن سياق الأدب والتربية.

وفي النظر من زاوية أخرى، نرى أن هناك تعليقات تحمل خطاب هجومي تخويني ضد شخصيات حورانيّة من قِبل أبناء درعا أنفسهم، حيث يتمّ الهجوم عليهم، واختلاق الأكاذيب حولهم ومهاجمتهم بشكلٍ شخصيّ، وشتم آبائهم وذويهم، وهذا ما لا يقبله أحد. تعليقات لا تؤذي الأشخاص أنفسهم بل تهدم الثقة أمام المتابعين من خارج المنطقة، بينما قلّما نجد هذا في محافظات أخرى، لا نجد هذه التعليقات السلبية التي تحمل طابع تخوين كل شخص ينطق ولو بكلمة.

أمّا فيما يخص التعليقات التي تستهدف الشبكة، فلا نحذف أي منها، على الرغم من المسبات ولغتها التخوينية في معظم الاحيان، ونجد الكثير من المنشورات السلبية ضد درعا24 على بعض الصفحات الأخرى، تسب وتشتم أحياناً، وتكذّب المنشورات أحيانا أُخرى ولكنها لا تعطي أي دليل منطقي، يدل على عدم صحته، بل أن الكثير من الأحداث أكّدت وتؤكّد صحة ما ننشر.

حوربنا من قبل بعض “الإعلاميين” وبعض الصفحات، وحاولوا التشهير بنا ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، والكثير منهم ينقلون مما ننشر الآن، ويستعملون مصطلحاتنا التي اعترضوا عليها في البداية.

هل يقتصر عمل الشبكة على نقل الأخبار الأمنيّة في المنطقة الجنوبيّة؟ 

نحن نحاول نقل كلّ ما يتّصل بحياة الناس من أمور سياسيّة وأمنيّة وخدميّة واجتماعيّة ثقافيّة و….، ونُسلّط الضوء على الجوانب الإيجابيّة أيضاً، وننشر تقارير حول تراث حوران، ونعرضها من خلال لوحات وصور، وكذلك تقارير حول المرأة والطفل والتعليم وغير ذلك. كما ننشر فيديوهات وصور من قرى وبلدات حوران عبر انستغرام وتيكتوك.

كذلك تسعى الشبكة للإضاءة على القصص المُلهمة لأبناء حوران، من خلال إجراء مقابلات مع شخصيات من أبناء المنطقة، وتواصلنا مع بعضهم وكانوا متعاونين ونشرنا عشرات المقابلات حتّى اليوم نستمر في ذلك، ومنهم من رفض إجراء المقابلة بحجج مختلفة، وبعضهم رفض دون إبداء سبب وبعضهم الآخر لم يجيب على رسائلنا. 

إقرأ أيضاً: لقاء خاص لـ درعا 24 مع الفنان المعارض وعضو اللجنة الدستورية جمال سليمان

ماذا عن تمويل درعا 24؟

عمل فريق درعا 24 لفترة طويلة بشكل تطوعي دون تلّقي أيّ أجر، ويسعى الفريق إلى إقناع المنظّمات بدعم الشبكة، نجحنا مرّات قليلة، وفشلنا مرّات كثيرة، خاصّةً أنّنا نرفض أيّ دعم مشروط، وبالطبع هناك منظّمات لا تتدّخل بمّا يخصّ النشر. تواصل معنا أشخاص وعرضوا علينا الدّعم ورفضناه كونه كان محسوباً على جهات ودول معينة، وأرادوا أنْ يتدّخلوا في سياستنا التحريريّة وأنْ ننشر حول أشياء معينة، وهذا ما نرفضه جملةً وتفصيلاً.

يوجد الكثير من المنظّمات العالمية وهي قليلة تدعم الإعلام دون التدخل بسياسة النشر وهذا ما نبحث عنه، ولكن التمويل الّذي نحصل عليه لا يُغطي احتياجاتنا، ولكنه يفي بالغرض.

ما هي الكلمة التي تريد قولها درعا 24 بعد خمس سنوات من انطلاقها؟

مرّ منذ أيام قليلة اليوم العالمي لحرّية الصحافة، والذي يتم الاحتفال فيه في الثالث من أيار من كل عام. ولا نملك نحن أبناء هذا البلد، الصحفيين وغيرهم إلّا أنْ نُعزّي أنفُسنا وجميع السوريين ببلادنا الّتي لا تملك أدنى قدّرٍ من الحرّيّة، وتُجبرنا كصحفيين وتُجبر الناشطين الّذين يعملون على توثيق الانتهاكات لأطراف النزاع على العمل بشكل سرّي للحفاظ على حياتنا واستقلالية قرارنا، وفي ظروف خطرة وأقلّ ما يُقال عنها أنّها استثنائية.

ولا يمكننا أن ننسى بهذه المناسبة، مرور خمس سنوات واليوم العالمي لحرية الصحافة أن نستذكر معاً الضحايا الصحفيين الّذين قُتلوا خلال السنوات الماضية إمّا بالرصاص الحي أو بالقصف على يد داعش أو الجيش والأجهزة الأمنية أو المليشيات المختلفة المنتشرة في بلدنا، ولا سيما زميلنا الإعلامي محمود الحربي، ولا ننسى أيضاً الصديق والزميل عاطف الساعدي وغيرهم كثيرين، ولا ننسى أيضاً أولئك الّذين فقدوا حياتهم على هذا الطريق تحت التعذيب في أقبية سجون الأجهزة الأمنية، أو على الأقل تمّ منعهم أو إجبارهم على مغادرة بلادهم، أو على العمل في ظروف غير طبيعية. ولن نزيد على القول: أننا سنستمر ما وسعنا الاستمرار وما وسعتنا الحياة وأعانتنا على ذلك.

الرابط: https://daraa24.org/?p=40371

Similar Posts