مشفى مدينة نوى في ريف محافظة درعا الغربي

تعاني المستشفيات والمراكز الصحية في محافظة درعا من ظاهرة خطيرة تهدد المنظومة الطبية، تتمثل في ازدياد تناقص أعداد الكوادر والتخصصات الطبية بشكلٍ كبير، في ظل واقع صحي يتردى يوماً بعد آخر، إضافة إلى النقص الملحوظ في المعدات الطبية، خصوصاً التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي.

نقص الخدمات الصحية يدفع الأهالي للقطاع الخاص

 فيما يضطر العديد من الأهالي إلى التوجه للقطاع الخاص في مركز المحافظة في درعا المدينة أو في المحافظات الأخرى، للحصول على الرعاية الصحية والعلاج مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة، وهذا ما يشكل تحدٍ كبير أمام ذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة التي بالكاد تستطيع توفير قوت يومها.

إقرأ أيضاً: ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية، يرهق المواطنين

(الطبيب محمد . ب من الريف الشرقي لمحافظة درعا) في حديثه مع مراسلة درعا 24 ارجع افتقار المشافي والمراكز الصحية للأطباء إلى تزايد هجرة الأطباء، هرباً من الفلتان الأمني والانهيار الاجتماعي والأخلاقي، فضلاً عن سوء الأوضاع المعيشية.

مضيفاً أن نقص كوادر التمريض دفع المسؤولين لتوظيف كوادر متدربة (دورات تمريضية) في سبيل سد النقص الملحوظ في أعداد الممرضين، وهذا سبّب معاناةً أُخرى للأهالي، بسبب الأخطاء التي يقعون بها نتيجة عدم امتلاكهم للخبرة والمعلومات الطبية الكافية.

كذلك ذكر أن فئة كبار السن والمرضى من الأطفال يضطرون للذهاب إلى محافظات أخرى، قاطعين مسافات طويلة مما يحمّلهم أعباء جسدية ومالية ليست بقليلة، مقارنة بالوضع الاقتصادي المتردي، الذي تشهده المنطقة سواء من أجور النقل أو الكشوف الطبية والتحاليل المخبرية والصور الشعاعية، وهذا ما فاقم من معاناة العديد من المرضى وحرمهم من تلقي الرعاية الصحية الجيدة.

طبيب لكل عشرة آلاف سوري

حسب تصريح نقيب الأطباء السابق كمال عامر في فبراير / شباط 2021 فإنه لم يبق في مناطق سيطرة السلطات السورية سوى 20 ألف طبيب من أصل 70 ألف، ووفقاً تقرير صدر عن اللجنة الدولية للإنقاذ عام 2021 أنه غادر حوالي 70% من العاملين في القطاع الصحي البلاد، وباتت النسبة حسب التقرير طبيب واحد لكل عشرة آلاف سوري.

في تقرير سابق لدرعا 24 أكد أحد العاملين في المجال الطبي في الريف الغربي (فضّل عدم الكشف عن اسمه) أن أزمة القطاع الصحي في درعا تضاعفت بعد سيطرة السلطات مدعومة بالطيران الروسي على المنطقة في تموز/ يوليو 2018، حيث خرجت أكثر من خمسين مشفى ونقطة طبية عن الخدمة، سواء بالقصف أو بإغلاقها لاحقاً من قِبل الأجهزة الأمنية، وقد تم في بلدة تسيل الاستيلاء على العديد من الأجهزة الطبية ونقلها خارج المحافظة، وكذلك الأمر في العديد من البلدات الأخرى.

إقرأ أيضاً: حلول بديلة عن زيارة الطبيب مع ارتفاع أجور المعاينة

فيما هناك العديد من أفراد الكوادر الطبيبة تم اعتقالهم أو فصلهم من وظائفهم ولم يعودوا لها حتى اليوم. قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر في العام 2021 بأن، ما لا يقل عن 3364 من العاملين في القطاع الصحي في سوريا لا يزالون قيد الاعتقال/الاختفاء القسري، 98% منهم لدى النظام في سوريا.

 تؤكد إحدى العاملات في مشفى مدينة طفس غربي درعا، أن مستشفى طفس تعاني من نقص ملحوظ بعدد الأطباء المختصين، إذ يقتصر الأمر على وجود عدد قليل جداً من الأطباء، يقومون بإجراء عمليات جراحية لحسابهم الخاص دون التعاقد مع المستشفى أو الدولة، ليقتصر الأمر على وجود طبيب واحد وهو طبيب جلدية.

 وأضافت “تقدم المستشفى خدمات معاينة وبعض أنواع الأدوية المجانية، ومع عدم توفر الكوادر الطبية في المشافي الحكومية ينعكس ذلك سلباً على نوعية الخدمات الصحية المقدمة، ويؤخر حصول المرضى على الخدمات الطبية الضرورية ويزيد من الأعباء المادية عليهم في حال الذهاب إلى طبيب خاص”.

انعدام المناوبات الليلية معاناة مضاعفة

تلقتْ درعا 24 العديد من الشكاوى من أهالي محافظة درعا من عدم وجود مناوبات ليلية للأطباء في المشافي الحكومية، الامر الذي بات يهدد حياة المرضى المحتاجين لإسعاف فوري، ويسبب لهم مضاعفات خطيرة.

 ضمن إحدى الشكاوى من (سناء، خ 45 عاماً، وهي من الريف الشرقي لمحافظة درعا) تقول بأن زوجها تعرض لوعكة صحية، واحتاج لمعالجته بشكل اسعافي عند الساعة الواحدة ليلاً، فقصدوا عدداً من الأطباء في منازلهم، ولكن للأسف لم يستجيبوا، وعند التوجه إلى مشفى مدينة بصري الشام، لم يجدوا أي طبيب مناوب هناك، فاضطروا الى اللجوء إلى بيت أحد الممرضين المقيمين في البلدة، لإجراء الإسعافات الضرورية الأولية له، حتى تمكنوا من نقله إلى المشفى الوطني في درعا المدينة.

 وتساءلت سناء في الشكوى قائلةً: “ما فائدة وجود مستشفى إذا لم يتوفر فيه كادر طبي بشكل يومي يلبي احتياجات المرضى وقت الحاجة؟

إقرأ أيضاً: درعا : عيادات الأطباء نارٌ كاوية، والإنسانية لا تغيب عند البعض!

الحكومة ترفع أسعار الأدوية بدلاً من طرح حلول

تعد مشكلة ارتفاع أسعار الأدوية وعدم توافرها، وارتفاع أجور كشف الأطباء ونقص المستلزمات الطبية، من المشاكل التي يعاني منها أهل المنطقة، وكانت قد أعلنت وزارة الصحة السورية مطلع العام الحالي عن زيادة جديدة في أسعار الادوية المحلية بنسبة 50% شملت آلاف الأصناف الدوائية. وأوضحت أن هذا التعديل جاء بناءً على ارتفاع سعر الصرف وحرصاً على استمرار توفر الأدوية في الأسواق.

ويبقى الواقع الذي تعيشه محافظة درعا في القطاع الصحي في تدهور مستمر في ظل صمت طال أمده من الجهات الحكومية، فهل سيكون هناك حلول قريبة المدى؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=29444

Similar Posts