المجلس المحلي في بلدة معربة في الريف الشرقي
المجلس المحلي في بلدة معربة في الريف الشرقي

تعاني بلدة معربة في الريف الشرقي من محافظة درعا – التي يبلغ عدد سكانها 15 ألف نسمة – من عدم توفر مياه الشرب، ولم يبقَ فيها اليوم سوى بئر واحد في الناحية الغربية من البلدة، لا يسدّ حاجة أهالي البلدة.

يقول أحمد المقداد – أحد أبناء بلدة معربة – في حديثه مع مراسل درعا 24: “نشتري نقلة الماء 25 برميل بـ 100 ألف ليرة سورية، يعني نحن ندفع ثمن ماء الشرب أضعاف مضاعفة لتكلفتها، ما هو عمل الدولة إذا لا تستطيع إيجاد حلول لمثل هذه المشاكل!؟”

يضيف: “ذهبنا إلى البلدية وقدمنا شكوى، أن مياه الشرب عبر الشبكة لا تصلنا إلى الحي، فكان جواب مسؤول الشبكة بأن بئر واحد لا يمكن أن يغطي نصف معربة، ومؤسسة المياه لا تستطيع دفع تكاليف تصليح أو حفر بئر جديد”.

توجه المراسل إلى أحد أصحاب خزانات المياه (صهريج على سيارة) وسأله عن سبب هذا الارتفاع في سعر مياه الشرب، فكان جوابه: “البئر الذي نأتي بالمياه منه يبعد عن معربة 9 كم، نحتاج خمسة لتر مازوت تكاليف النقل ومع سعر الماء تصل التكلفة إلى 70 ألف ونصف لتر بنزين بـ 10 آلاف لإفراغ النقلة، يبقى 20 ألف للدواليب والزيت ومصروف لعائلتي!”

 تواصل المراسل أيضاً مع أحد المشرفين على توزيع أدوار مياه الشرب من الآبار إلى المنازل عبر الشبكة، الذي قال: “يوجد تعديات كبيرة من الأهالي على خطوط المياه الرئيسية، وهذا له دور كبير في إيصال المياه إلى جميع البيوت أو عدم إيصالها، بالإضافة إلى تعطل الآبار باستمرار، وكذلك ضعف الكهرباء وقلتها له دور رئيسي في كل هذا”. 

متى بدأت المشكلة؟ 

قال مراسل درعا 24 بأن مشكلة شح المياه في بلدة معربة، بدأت بعد تطبيق اتفاقية التسوية والمصالحة في العام 2018، أي بدأت عندما كان من المفترض أن تدخل مؤسسات الدولة للعمل وأن تعود جميع الخدمات، وفقاً للوعود التي أطلقتها السلطات في ذلك الوقت، ولما جاء في بنود الاتفاقية التي رعتها روسيا حينها.

وأضاف أنه بعد العام 2018 انسحبت المنظّمات الدولية والمحلية غير الحكومية التي كانت تعمل في المنطقة قبل ذلك، والتي كانت تغطي احتياجات الآبار في المنطقة، وتحفر آبار جديدة لتغطية احتياجات السكان من ماء الشرب. موضحاً أن مرحلة قبل التسويات كان يوجد في بلدة معربة ثلاثة آبار وكانت تكفي البلدة بأكملها، ولا يوجد أي شح أو ضعف في المياه، وكان هناك إشراف عليها، ويتم صيانتها باستمرار.

وأوضح المراسل بأنه في العام 2020 تعطّل أحد الآبار الثلاثة وتوقف عن العمل بشكل كامل، فتوجه وفد من البلدة إلى محافظ درعا، وتقدمو بطلب لإعادة تشغيل البئر، وقوبل هذا الطلب بالرفض حينها، لعدم قدرة مؤسسة المياه على صيانة أو حفر بئر في المنطقة على نفقتها، لأنه لا يوجد لديها الميزانية المالية لذلك، وما يزال هذا البئر لا يعمل حتى اليوم.

بقي في البلدة في ذلك الوقت بئر يُغذّي الحارة الغربية وبئر آخر يُغذّي الحارة الشرقية، ولكن أغلب الحارات لا تصلها المياه وإن وصلتها تكون ضعيفة للغاية، إلى أن ازدادت المشكلة تعقيداً وتفاقمت منذ شهرين، عندما تعطّل البئر الشرقي بسبب سوء جودة الغاطسة المسؤولة عن ضخ المياه، وعند محاولة رفع الغاطسة لإصلاحها سقط البئر بالكامل، والآن يحتاج إلى إصلاح بقيمة 95 مليون ليرة سورية.

حلول حكومية غائبة

دعا رئيس البلدية في معربة قبل أيام قليلة لاجتماع في مبنى المجلس البلدي، مع وجهاء البلدة ومسؤولي شبكة مياه الشرب من أجل إيجاد حلول لمشكلة مياه الشرب، وقال رئيس البلدية أنه تقدّم هو وآخرون بطلب لمؤسسة المياه في درعا، من أجل إصلاح البئر الشرقي، وكان الجواب كما كان سابقاً؛ عدم وجود ميزانية مالية لهذه الأمور، وطالبوا برافعة من أجل رفع البئر من جديد وقوبل الطلب بالموافقة، ولكن كان جواب المؤسسة بأن الرافعة جاهزة، ولكن تتحرك بالعمل في حال دفع المجتمع المحلي في بلدة معربة التكاليف اللازمة لذلك.

نتج عن الاجتماع الأخير في البلدية البدء بحملة تبرعات من المجتمع المحلي، لدفع تكاليف إصلاح البئر الشرقي، وتقديم طلب إلى المحافظ للموافقه على حفر بئر جديد لتغطية احتياجات السكان من المياه.

إقرأ أيضاً: مبادرات أهلية بدرعا بعد غياب الخدمات الحكومية

ما تعيشه بلدة معربة هو واقع تعيشه غالبية مدن وبلدات محافظة درعا منذ العام 2018 وحتى اليوم، والعجز الحكومي ما زال حاضراً، ومؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي والمحافظة وبقية مؤسسات الدولة ترفع يدها وتؤكد عدم قدرتها على العمل على توفير مياه الشرب إلا في مجالات بسيطة في بعض القرى كإصلاح أو صيانة خطوط بعض الشبكات، وعند التوجه لمحافظ درعا أو أي جهة مسؤولة في المحافظة لحفر أو إصلاح آبار، يكون الجواب الدائم هو التوجه للمجتمع المحلي وطلب التبرعات.

وكان آخر حملات التبرع في بلدة الطيبة شرقي درعا والتي تعاني منذ سنوات أيضاً من النقص في مياه الشرب، وتمكن المجتمع المحلي من إطلاق فزعة تبرعات تم فيها جمع مليارين و153 مليون ليرة سورية، سيتم تخصيصها لتحسين واقع ماء الشرب.

ما رأيك بالدور الذي تلعبه المؤسسات الخدمية في درعا، وماذا عن مؤسسة المياه، فما هو عملها إذا لم يكن لديها ميزانيات لتصليح آبار الماء أو ترميمها أو حتى مواد لصيانة الشبكات التي تصل إلى المنازل؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=40217

Similar Posts