الخطف

تصاعدت وتيرة الخطف في محافظة درعا في الآونة الأخيرة. وقد وثقت درعا 24 أكثر من 10 حالات خطف منذ بداية العام وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، بعضهم تم الإفراج عنهم بعد دفع فدية مالية، فيما مصير منهم ما زال قيد المجهول حتى اليوم.

مصير شاب من بلدة أم المياذن

من بين أولئك الذين ما يزال مصيرهم مجهولاً، الشاب “محمد خير المحاميد” من بلدة أم المياذن شرقي درعا، حيث تم اختطافه بتاريخ 28 فبراير / شباط، ولم يتم التواصل مع ذويه حتى اليوم سواء لطلب فدية أو لأي مطلب آخر، وقد ناشد والده عبر شريط مصوّر بالكشف عن مصير ابنه، إلا أنه لا نتائج حتى اللحظة.

رصدت الشبكة اختطاف “المحاميد” من قِبل مسلحين مجهولين اعترضوا السيارة التي كان يستقلها قرب جسر صيدا على أوتستراد درعا – دمشق. وتعتبر هذه المنطقة أمنية، تتواجد عليها بشكل مستمر دوريات للأجهزة الأمنية، وكذلك هناك تحركات أيضاً لمجموعات مرتبطة بها.

يعمل “المحاميد” كسائق سيارة لنقل الركاب إلى لبنان، بعد أن عمل ضمن فصائل محلية في المنطقة الشرقية قبل انضمامه لاتفاقية التسوية والمصالحة في العام 2018، ليعود بعدها إلى حياته المدنية.

إقرأ أيضاً: مداهمات خيم البدو على أطراف بلدة أم المياذن

أكد أحد أبناء بلدة أم المياذن التي ينحدر منها الشاب المُختطف “المحاميد” بأنه يستبعد تسليمه للأفرع الأمنية، بينما اتهم مجموعات تابعة لـ “اللحام” باختطافه وإخفائه في منطقة اللجاة، عن طريق مجموعات تعمل لصالحه هناك، وبأنه سيتم التفاوض لاحقاً للإفراج عنه مقابل فدية مالية. موضحاً بأن انتهاكات “اللحام” في المنطقة، لم تعد تخفى على أحد، من خطف أو مداهمات أو سرقة وغير ذلك.

تحدثت درعا 24 إلى عدد من أبناء المنطقة الشرقية، الذين أكدوا أن عمليات الخطف إن لم تتم بإشراف الأجهزة الأمنية فإنها تتم بالتنسيق معها، فيما لم يستبعد بعضهم أن يتم اختطاف البعض وتسليمهم للأفرع الأمنية، مؤكدين وقوع ذلك في حوادث سابقة. 

فقدان الاتصال مع شاب في مدينة نوى

في حين ما يزال مصير المواطن “أحمد هزيمة الرمضان” من قرية الناصرية الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والقنيطرة، مجهولاً أيضاً، حيث انقطع الاتصال معه منذ 20 شباط الماضي، أثناء تواجده بالقرب من الملعب البلدي في مدينة نوى غربي درعا، حيث كان يستقل سيارة لبيع الألبان والأجبان، عندما اعترضه مسلحون واقتادوه إلى جهة مجهولة، وتركوا سيارته لاحقاً شرق مدينة نوى، ولم يتواصل أحد مع ذويه لطلب فدية حتى اليوم، ولا يستبعد أبناء المنطقة أن يكون تم احتجازه من قِبل مسلحين محليين وتسليمه الأفرع الأمنية أيضاً. 

اختطاف شاب في درعا البلد

ما يزال مصير الشاب “نبيه الجوابرة” مجهولاً، بعد اختطافه يوم الثلاثاء 12 آذار الجاري، أثناء عودته ليلاً من أحياء درعا البلد إلى منزله في درعا المحطة، ولم يتواصل الخاطفون مع أهله حتى اليوم، وتم عقد اجتماع في الجامع العمري بدرعا لبحث سبل الإفراج عنه.

تسليم مواطن للأجهزة الأمنية بعد اختطافه

كانت آخر حوادث الاحتجاز والتسليم للأفرع قبل أيام قليلة، في العاشر من شهر مارس / آذار الجاري، حيث ألقى مسلحون محليون القبض على المواطن “حسن الركب، أبو حسان” من منطقة اللجاة، وسلموه لدورية أمنية مشتركة كانت بالقرب من حاجز عسكري في محيط بلدة المسيفرة شرقي درعا.

يعمل المسلحون الذين سلموا المواطن ضمن مجموعة محلية من أبناء المسيفرة يقودها “محمد عماد الكردي” تابعة للقيادي المحلي “محمد علي الرفاعي، المُلقب أبو علي اللحام” التابع للمخابرات الجوية، وأحد أفراد المجموعة أكد لمراسل درعا 24 تسليم “الركب” للدورية، وبأن ذلك لأنه يُتهم بالانتماء لتنظيم داعش. 

لماذا لا يتدخل الثامن للقضاء على عصابات الخطف ولا سيما مجموعة “اللحام”؟ 

سارت أرتال اللواء الثامن برفقة الفصائل المحلية الأخرى التابعة للجان المركزية، باتجاه عدة مناطق في المحافظة من درعا البلد إلى الصنمين إلى جاسم إلى إنخل إلى نوى إلى اليادودة، للقضاء على مجموعات يُتهم بعضها بالعمل لصالح تنظيم داعش، فيما لم تحرك ساكن ضد المجموعات التي يقودها “أبو علي اللحام”، على الرغم من حالات الخطف والسرقة التي تقوم بها، بل واحتمت إحدى المجموعات التابعة للحام بعد إدانتها في مقتل الإعلامي “محمد سعيد الحربي” في بلدة نصيب تحت جناح القيادي المحلي في الأمن العسكري “عماد أبو زريق“.

توجهت الشبكة بهذا السؤال في وقت سابق عبر منشور نقلت من خلاله تساؤلات تلقتها عبر العديد من الرسائل حول عدم قيام الثامن بالقضاء على مجموعات اللحام، فكانت بعض التعليقات على الشكل التالي: “لأن اللواء الثامن لم يتلق بعد الأوامر من رئيس فرع الأمن العسكري لؤي العلي”. 

في حين قال آخر: “مجموعة اللحام تابعة للمخابرات الجوية التي يرأسها خردل ديوب، والثامن يتبع للأمن العسكري الذي يرأسه لؤي العلي، وديوب والعلي -حتى الآن- أصدقاء فلا يمكن أن يهاجم الثامن اللحام في ظل هذه الصداقة”. 

إقرأ أيضاً: اختطاف شاب وسرقته وتعذيبه شرقي درعا

التحشيد والاجتماعات في بعض حالات الخطف 

رصدت درعا 24 اختطاف اليافع “رامي المفعلاني” في 11 شباط / فبراير في بلدة ناحتة شرقي درعا لأسبوع، وجاء الإفراج عنه بعد عقد عدة اجتماعات في ناحتة، حضرها وجهاء من مختلف مناطق المحافظة وقادة الفصائل المحلية بمن فيهم اللواء الثامن واللجان المركزية.

هدد الثامن والمركزيات خلال تلك الاجتماعات بتنفيذ عمل عسكري للإفراج عن “المفعلاني”، وشهدت منطقة اللجاة تحركات عسكرية لمجموعات تابعة للواء الثامن، وبعد الإفراج عنه، ظهرت صور وفيديوهات لأبناء منطقة اللجاة، إلا أنه لم يتم الكشف عن الجهة التي كان مختطفاً عندها حتى اليوم. 

تكرر هذا التحشيد والاجتماعات عند اختطاف الشاب “عبدالله عبد الحميد الزعبي” من دير البخت بتاريخ 24 شباط الماضي، وتم الإفراج عنه بعد ذلك في 8 آذار الجاري، عن طريق عملية مبادلة بإطلاق سراح شاب من اللجاة اختطفته اللجنة المركزية غربي درعا، وكذلك الأمر لم يتم الكشف أيضاً عن أي معلومات بما يخص عصابات الخطف. 

إقرأ أيضاًُ: ماهي الغاية الحقيقية وراء هذا الاجتماع وهذا التحشيد

 لم يحصل هذا التحشيد والاجتماعات للإفراج عن “المحاميد”، وذهب وجهاء إلى القيادي المحلي “محمود البردان، أبو مرشد” في مدينة طفس لطلب المساعدة، وتوكيله بالسعي للإفراج عن الشاب، إلا أنه لا نتائج حتى اليوم.

استطلاع آراء الناس حول أسباب الخطف

سأل مراسلو درعا 24 بعض المواطنين عن رأيهم حول حالات الخطف وأسبابه وقد قال الشاب (أ. ج) من ريف درعا الأوسط بأن غالبية حالات الخطف تحدث لطلب فدية مالية، وتتم غالباً بالتعاون مع أحد أقارب المخطوف، وقال بأن هناك تعازناً أكيداً بين الخاطفين وبعض ضباط الحواجز المنتشرة في المحافظة.

أضاف: “ففي حادثة اختطاف الطفل “فواز القطيفان” على سبيل المثال كان هناك تعاوناً بين أحد أقاربه وضباط من الأمن، ويستطيع الشخص العادي اكتشاف ذلك، سواءً من خلال تناقض الرواية الرسمية، بأنهم كانوا يراقبون العصابة عند تسليم الفدية وبأنهم رصدوا مكان الخاطفين وغير ذلك من الروايات المتناقضة، وعلى الرغم من كل ذلك لم يستطيعوا القبض عليهم, أو من خلال حديث الطفل بعد الإفراج عنه، وعدم التحدث عن العصابة والخاطفين بعد ذلك، وتم طي الملف كاملاً”.

إقرأ أيضاً: الإفراج عن شاب اتهمه قائد الشرطة بالضلوع بخطف الطفل فواز قطيفان

الشاب (م. ج) من الريف الشمالي قال بأن بعض حالات الخطف وخاصة للأطفال تحدث نتيجة خلافات بين أهاليهم والجهة الخاطفة، كما حدث للطفل “ميار علاء الحمادي” والذي أُفرج عنه بعد سنة من اختطافه، واتضح بأنه كان هناك خلاف على ثمن شحنة مواد مهربة”.

أضاف: “يلجأ بعض الأشخاص في ظل غياب القانون إلى القيام بعمليات خطف من أجل تحصيل حقوقهم، سواء دين على أحد أفراد عائلة المخطوف، أو حالات ابتزاز ونصب من قبل أحد ذوي المخطوف -على سبيل المثال حالة خطف لطفل في مدينة الشيخ مسكين-، فيقوم الشخص الآخر باختطاف أحد الأقارب للضغط من أجل تحصيل حقه،”.

الشاب (م. ص) من الريف الغربي قال بأن بعض حالات الخطف تحصل من أفراد يتبعون للفصائل المحلية المسلحة، سواء ممن يتبعون إلى اللواء الثامن أو اللجنة المركزية، وبعضهم تم القبض عليهم بالجرم المشهود مثلما حدث في بلدة العجمي، حيث تم القبض على أفراد عصابة يقومون بالتشليح والخطف ويتبعون للجنة المركزية وبعضهم من أقرباء لقيادي المحلي في اللجنة المركزية “محمود البردان، أبو مرشد”، ولم تتم محاسبتهم بالشكل المناسب حتى الآن.

بعض حالات الخطف التي لم يُعرف مصيرها حتى الآن

رصدت درعا 24 عدداً من حالات الخطف ولم يُعرف مصير أصحابها حتى الآن ومنهم الطفلة سلام حسن الخلف (8 سنوات) من بلدة الطيبة في الريف الشرقي لمحافظة درعا والتي فُقدت بتاريخ 10 آذار 2020، أثناء عودتها من المدرسة. وكان الخاطفون يستقلّون سيارة فان من نوع H1.

وقد عُثر بتاريخ 13 نيسان على صدرية الطفلة وحقيبتها المدرسية في حقل يقع على أطراف البلدة.
ولم يُعثر على أي دليل آخر سوى الحقيبة وصدرية المدرسة، وما زال مصيرها مجهولاً حتى الأن.

وكذلك ما يزال مصير الشابين ( أسامة لؤي عبيسي، ومحمد الحراكي ) من بلدة صيدا، والذين اُختطفا في مدينة طفس بتاريخ 29 يناير 2020، وكانوا يستقلّون سيارة بيضاء اللون من نوع كيا ريو، مجهولا حتى الآن.

حيث قال أحد أقاربهم بأن سبب وجودهم  في مدينة طفس كان لشراء أجهزة وقطع موبايل بقصد التجارة، وكانت آخر مشاهدة لهم بعد خروجهم من أحد محلات الجوالات في نفس المدينة.

هذا وقد ناشد أقارب المُختطفيَن؛ جميع الجهات الفاعلة في محافظة درعا، وما يُسمّى “هيئة الإصلاح في حوران” لمساعدة الشابين، ومعرفة مكان اختفائهم، ومحاولة الإفراج عنهم بأسرع وقتٍ ممكن، دون نتيجة.

إقرأ أيضاً: أصبحتْ حالات الاختطاف والاختفاء يومية في درعا!

كذلك ما يزال مصير الشاب “حسن عايش (العنزي)” مجهولاً منذ ما يزيد على ستة أشهر، أثناء تواجده داخل أحياء مدينة الصنمين، وهو من قرية أيب في منطقة اللجاة في ريف محافظة درعا، ويسكن في محيط مدينة الصنمين. ورصدت الشبكة اختطافه في 22 أيلول / سبتمبر 2023.

ويتساءل كثيرون: لماذا يتم التحشيد على بعض الحالات ولم يحصل في حالات خطف أُخرى، على الرغم من أن هناك الكثير منها، وقعت في مناطق سيطرة اللواء الثامن واللجان المركزية غربي درعا. ويبقى السؤال معلّقاً: كيف يتم تحرير مُختطف دون الكشف عن العصابة التي اختطفته؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=38663

إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى

Similar Posts